أخبار عاجلة

تعليم الطفل مبكراً

   أولا : التكوين العقلي للطفل والتطور الذي يحصل فيه.
* الأسس التي تضمن لك طفلا ذكياً ذا شخصية متميزة في المستقبل.
– البيئة الثرية تغير خصائص المخ
تؤدي البيئة الثرية في الواقع إلى تغيرات في التشريح والخصائص الكيميائية لمخ الفأر – فإذا عدنا إلى الستينات- لاحظ علماء النفس في جامعة كاليفورنيا أن الفئران التي تربي في أقفاص مع وجود لعب وألوان وحواجز- كان وزن المخ عندها أثقل والقشرة المخية أسمك وتكون لديها شبكات عصبية أعقد وأوعية دموية أكثر من تلك التي تربي في أقفاص عادية! ومع كبر سنها تصبح هذه الفئران أقدر على التعامل مع التحديات الجديدة بلياقة أكثر.
لا يمكن أن نفترض بالطبع أن نتائج هذه التجارب على الحيوانات يمكن تطبيقها مباشرة على أطفال البشر- فلا يمكن القيام بمثل هذه التجارب المعملية على البشر- ولكن تزداد الأدلة على أن الخبرات المبكرة لا تسجل فقط في الخلايا العصبية ولكنها تشكل المخ وتعيد تشكيله إلى عضو أكثر قوة!
وقد وجد الباحثون في كلية طب Bayior أن الطفل الذي نادراً ما يلمس أو يلعب معه أحد يقل حجم مخه 25% عن الأطفال الآخرين.
– مخ أصحاب المهن
لقد قام علماء ألمان بتصوير مخ عازفي الآلات الوترية باستخدام الرنين المغناطيسي ووجدوا أن مساحات القشرة الحسية التي تتحكم في حركة الإبهام والأصبع الخامس من اليد اليسرى أكبر من مثيلاتها عند غير العازفين! ولا تؤثر فترة الممارسة اليومية للعزف على مساحة القشرة بل كلما كانت بداية العزف في سن أصغر كلما زادت مساحة القشرة المخصصة لعزف الموسيقى!
قام Arnoid Scheibet وطلابه في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس بفحص أدمغة أشخاص متوفون ووجدوا علامات عجيبة فالأعمال التي تتطلب مهارة عالية كالطباعة يكون لدى أصحابها تفرعات عصبية أكثر كثافة من منطقة القشرة التي تتحكم في حركة الأيدي والأصابع عن الأعمال الأخرى وقام الباحثون بفحص جزء القشرة المسئول عن فهم الحديث فوجدوا أنه كلما ارتفع مستوى الشخص التعليمي زادت التفرعات العصبية في هذا الجزء من المخ! ويستمر علماء الأعصاب في البحث عن كيفية تشكيل هذه الخبرات المبكرة للمخ خصوصاً أن التكنولوجيا الحديثة للتصوير تسمح بدراسة المخ وهو يعمل وإلى الآن يبدو جلياً أنه كلما زاد استخدام المخ كلما نما أكثر وزادت قدرته على العمل.

– خبرات التعليم الأولى هي الأكثر ثباتاً.
تتطور القدرات العقلية بشكل أكبر خلال السنوات القليلة الأولى من العمر وذلك مع نمو المخ بشكل أسرع ثم ينمو المخ بعد الميلاد بسرعة تناقصية .
لاحظ التربويون والآباء أن الطفل الصغير يقبل على التعلم بنهم وأن خبرات التعلم الأولى هي الأكثر ثباتاً. والآن يقدم علماء الأعصاب التفسير البيولوجي لذلك:
قام د. Harry Chugans رئيس قسم الأعصاب الطفولي بدارسة نشاط المخ من الطفولة إلى البلوغ باستخدام أسلوب تصوير المخ ( PET ) ومراقبة استهلاك المخ للجلوكوز- فوجد أن مخ الطفل يمر بفترة تدفق نشاط هائلة بين 4 إلى 10 سنوات ويستهلك أكثر من ضعف الطاقة التي يستهلكها مخ الكبار وهذا يتوافق مع تلك الفترة من عمر الطفل الذي يستطيع فيها التعلم بسرعة وتقوى الارتباطات العصبية لديه وبعد سن العاشرة يبدأ استخدام المخ للطاقة في التناقص تدريجياً وبوصوله سن 16 سنة يشبه مستوى الكبار.
ويفسر هذا التدفق في نشاط المخ في هذه السنوات مرونته وقدرته الهائلة على إعادة برمجة نفسه بعد الإصابات الخطيرة ففي حالات كثيرة فقد فيها أطفال النصف الكروي للمخ بسبب حوادث أو تدخلات جراحية استطاع هؤلاء الأطفال تعلم المشي والكلام والكتابة مرة أخرى عن طريق الممارسة والعلاج فهناك وصلات عصبية زائدة تخصص لتعويض أي نقص في وظائف المخ – ويستطيع الكبار الذين فقدوا وظيفة مخية تعلم إعادة برمجة المخ ولكن بصعوبة أكثر ونجاح أقل.
وباختصار فإن المخ يبني نفسه خلال السنوات الأولى قبل سن العاشرة فيقيم الوظائف المطلوب القيام بها حسب المعلومات التي يستقبلها والتحديات التي يواجهها فيحدد توجه الطفل ويجهز الوسائل اللازمة لذلك ويصبح ما يتعلمه الطفل خلال هذه الفترة الهامة جزءاً من نظام الربط العصبي له.
ثانيا : مراحل تطور الدماغ
وبذلك يحدد ما يتعلمه الطفل في هذه السنوات توجهه بقية حياته، وقد لاحظ علماء النفس والتربية نفس الظاهرة من زاوية أخرى:
– يتأرجح مستوى ذكاء الطفل خلال سنوات ما قبل المدرسة ويثبت بشكل عام بوصوله للبلوغ- السابعة عشر – تشير بعض الدراسات إلى تناقص أو تزايد طفيف خلال المرحلة الجامعية وما بعدها ولكن ذكاء الكبار سمة ثابتة عموماً، ويستمر الطفل في اكتساب المعارف والتعلم بعد سن 17 وقد يستخدم قدرته العقلية في الحصول على مزيد من المعارف والعمل المنتج وقد يضيعها ولكن بعد سن 17 لا يستطيع تغييرها بدرجة كبيرة ففرصة زيادة الذكاء والارتقاء بالقدرات العقلية تذهب عندما تنتهي الدراسة الثانوية.
ومؤشرات هذه الاكتشافات بسيطة وعميقة والمثير الذي تضيفه إلى بيئة الطفل يكون له أعظم النتائج خلال السنوات الأولى من عمره- ولا تؤدي نفس النتائج عند وصول المرحلة الابتدائية أو الثانوية.
المدارس الأميركية تجهل أهمية النمو العقلي المبكر وإلى الآن لم يفهم نظام التعليم الأمريكي هذا الواقع ، فالمدارس الأمريكية لا زالت تجهل أهمية النمو العقلي المبكر وتركز جهودها المكثفة على المرحلة الثانوية والجامعية عندما تكون قد انتهت فترة أعظم نشاط للمخ.
يقول د. Chugai متسائلاً: من هذا الأحمق الذي قرر أن يتعلم الصغار اللغة الأجنبية في المدرسة الثانوية؟ فنحن لا نهتم بالمبادئ البيولوجية للتعلم فأفضل وقت لتعلم اللغة هو عندما يكون المخ أكثر استعداداً لاستقبال كل الأشياء وأفضل وقت هو السنوات الأولى من العمر ما قبل المدرسة أو الابتدائي.
– يصبح التعليم أسهل خلال فترة تشكيل وظائف المخ
هناك فترات هامة في عمر كل طفل يتم فيها تشكيل وظائف المخ ويكون تعلم هذه المهارات أسهل خلال هذه الفترات وأصعب بعد مرورها! هل تتذكر هذه التجارب القديمة التي كانت تبث في التلفاز والتي تفتح فيها البطة الصغيرة عيونها لأول مرة على مساعدة المعمل وتعتقد دائماً أنها أمها؟ تسمى هذه الظاهرة الأثر المميز  وهذا يبين كيف أن المخ فُطر على استيعاب خبرات تعلم معينة في أوقات معينة. وبمجرد تسجيل هذه المعلومات الهامة في المخ يصبح مستحيل محوها.
– فقد الخبرات التعليمية لا يمكن تعويضها أبداً
وتدل الدراسات كذلك أنه إذا فقد حيوان خبرة تعليمية هامة في وقت حاسم فإن هذا الدرس لا يمكن تعويضه أبداً.
عزلت بعض الطيور عن بيئة الغناء خلال الأسابيع الأولى من حياتها فلم تعش هذه الخبرة لذلك فهي لم تغن بشكل جيد أبداً بعد ذلك، بغض النظر عن اختلاطها بعد ذلك بالطيور المغردة. الحمل الوليد – عند فصله عن أمه عدة أيام بعد ولادته لن يتعلم أبداً إتباع القطيع مهما طالت فترة بقائه مع الغنم بعد ذلك.
يقول علماء الأعصاب الآن توجد مثل هذه الفترات الهامة من النمو الإنساني تماما مثل الوقت الذي يبدأ فيه تنظيم أجزاء معينة من المخ.
وبوجود المثير المناسب من البيئة الخارجية تبدأ خلايا المخ والوصلات العصبية فيما بينها بالارتباط والتجمع للقيام بوظائف معينة.
وبدون المثير المناسب تتوقف الخلايا والوصلات وتؤدي أعمالاً أخرى أو تذبل وتموت مع عدم القيام بالوظائف الأصلية.
– المثير المناسب في الوقت المناسب
قام العالمان David Hubet ، Torm Wieset بتجربة تاريخية مع صغار مواليد القطط في السبعينات فأغلقوا إحدى عيون كل قطة بالخياطة وأعادوا فتحها بعد أسبوعين- ورغم أن العين كانت طبيعية إلا أن القطة لم تقدر على الرؤية باستخدام العيون التي كانت مغلقة. فبدون المدخلات البصرية لا يمكن أن تتكون الروابط بين العين والقشرة البصرية- ولكن عندما أجريت هذه التجربة مع قطة بالغة- لم تحدث هذه الظاهرة فالتجربة تعطي دليلاً واضحاً على أن المخ يحتاج إلى المثير المناسب من البيئة في الوقت المناسب لكي يعلم خلايا المخ وظيفتها.
وبناء على هذه المعلومات يقوم علماء الأعصاب باكتشافات مذهلة عن أثر الفترات الهامة في التعلم الإنساني وموعدها فقد أشار د. Chagani من خلال تكنولوجيا ( PET ) في تصوير عمل المخ إلى أن أجزاء عديدة من المخ تمر بفترات نشاط متدفق- في ترتيب محدد – تماما مثل تطور الوظائف التي تتحكم فيها هذه الأجزاء من المخ. فعندما ينضج كل جزء من أجزاء المخ تحدد الفترة الأخصب للتعليم.
ثالثا : لم يذكر في المنتدى وقيل ( لن أضعه لأنه يتكلم عن استخدام الموسيقى في التعلم وكلنا نعلم حرمة الغناء والموسيقى فأعذروني بارك الله فيكم ) .
رابعا : مدرسة منتسوري وخصائص الطفل
وتتساءل د Maria Montessori :هل هناك فترات أخرى خصبة للتعلم ؟
وهي أول امرأة إيطالية تتخرج من كلية الطب ومؤسسة حضانة منتسوري في التعلم. فقد لاحظت أن الأطفال بين 2.5 و 3.5 سنة ينمو لديهم حرص شديد على النظام وإصرار على الروتين- يريد وضع لعبته في مكانها بالضبط قبل أن ينام- وأن يكون الباب مفتوحاً قليلاً والأنشودة المعتادة تغني قبل النوم وتوضع الملاءات بشكل صحيح ويصر على استخدام الصابون الأصفر واللعب بالقارب الأحمر والمنشفة البيضاء، ويطلب الحليب في الكوب الخاص به، وقد يطلب كوباً لشخص آخر.يعتبر معظم الآباء الأمريكيين هذه المرحلة مزعجة جداً ولكن يرى الباحثون أنها تعكس فترة من الحساسية الخاصة حيث يحاول مخ الطفل النامي تكوين تعميمات من الملاحظات وتشكيل مفاهيم من الإدراكات. والإصرار على النظام يعطي الطفل إحساساً بالاستقرار و الاستمرار حيث يستطيع الوصول إلى استنتاجات. ويمكن استغلال هذه الفترة لتعليم الطفل النظام وعادات العمل الجيدة- ويتعلم الأطفال في مدارس أن يتركوا كل شيء عند بداية نشاط جديد.
ويشجع الأطفال على رؤية النشاط كحدث له بداية وفترة استمرار ونهاية – قبل أن يبدأ نشاط آخر ويسعد هؤلاء الأطفال عندما يحسون قدرتهم على التحكم في بيئتهم بالنظام ويشعرون بالرضا عند إنهاء المشاريع الذين قاموا باختيارها .
وتستخلص د. منتسوري أن الفترة الأخصب لتعلم القراءة والكتابة وفهم الأرقام هي بين 4 إلى 5 سنوات- فقد استطاع الأطفال الفقراء المحرومون الذين قامت بتدريسهم القراءة والكتابة بخط جميل قبل الوصول إلى سن الخامسة- والآن في مدارس منتسوري يتعلم أطفال الرابعة والخامسة القراءة والكتابة كنشاط حر وبكل حماس.
* هل حقاً التعليم المبكر ضروري؟
بعد هذه السياحة مع الباحثين حول التعليم المبكر ترى ما هو الهدف الأسمى من التعليم المبكر؟
إن الهدف الذي يسعى إليه المربون هو غرس الأسس والطرق الصحيحة للتفكير، ومبادئ المعارف والعلوم.
وليس هدفهم هو حب جميع العلوم في عقل الطفل.
فهذا هو هدف التعليم المبكر، وهو معنى استغلال هذه الفرصة من عمر الطفل.
وحين نستغل هذه الفترة فإننا نحفظ للطفل حقه من مرحلة لا يستطيع هو الاحتفاظ بها.
تماما كما نحفظ له ميراثه أي من حقه علينا أن ننمي مداركه بحيث يعتمد عليها ويستفيد منها في المستقبل أكمل استفادة وأفضل إنتاج.
وهذا واجب تربوي إلى أن يستقل الطفل بنفسه فتكون انطلاقته في الحياة بعد ذلك انطلاقه فاعلة ومثمرة يعود خيرها على نفسه وأهله ومجتمعه وبالمحصلة على الإنسانية أجمع.
فالعباقرة والعلماء والمخترعون يسري وينتشر أثرهم ونورهم في البشرية كما سرى اختراع الكهرباء وعم البشرية .

* المصدر

– مجلة ولدي ،العدد (53) إبريل 2003 ، ص: 22 .

– المنتدى السعودي للتربية الخاصة

عن admin

شاهد أيضاً

كيفية تعليم الأطفال المعاقين المهارات الحياتية

اعاقتي – سالي: كيفية تعليم الأطفال المعاقين المهارات الحياتية هناك مهارات عديدة من الممكن تعليمها …

اترك تعليقاً